منه جل وعلا لجميع الذنوب السالفة بالإنابة إليه، والندم على ما فات، والعزم المصمم على عدم العود إلى الذنب.
• قوله تعالى:{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه ما يرسل الرسل إلا مبشرين من أطاعهم بالجنة، ومنذرين من عصاهم بالنار. وكرر هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٤٨)} وقد أوضحنا معنى البشارة والإنذار في أول هذه السورة الكريمة في الكلام على قوله تعالى: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ ... } الآية، وانتصاب قوله:{مُبَشِّرِينَ} على الحال، أي ما نرسلهم إلا في حال كونهم مبشرين ومنذرين.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الذين كفروا يجادلون بالباطل، أي يخاصمون الرسل بالباطل، كقولهم في الرسول: ساحر، شاعر، كاهن. وكقولهم في القرآن: أساطير الأولين، سحر، شعر، كهانة. وكسؤالهم عن أصحاب الكهف، وذي القرنين. وسؤالهم عن الروح عنادًا وتعنتًا، ليبطلوا الحق بجدالهم وخصامهم بالباطل، فالجدال: المخاصمة. ومفعول "يجادل" محذوف دل ما قبله عليه؛ لأن قوله:{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ} يدل على أن الذين يجادلهم الكفار بالباطل هم المرسلون المذكورون آنفًا، وحذف الفضلة إذا دل المقام عليها جائز وواقع كثيرًا في القرآن وفي كلام العرب؛ كما عقده في الخلاصة بقوله: