ذكر جلَّ وعلا في هذه الكريمة: أن الظالمين وهم الكفار قالوا للذين اتبعوا النبي - صلى الله عليه وسلم -: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨)} يعنون: أنه أثر فيه السحر فاختلط عقله فالتبس عليه أمره، قال مجاهد: مسحورًا، أي: مخدوعًا، كقوله: فأنى تسحرون؛ أي: من أين تخدعون، وقال بعضهم: مسحورًا؛ أي: له سحر، أي: رئة فهو لا يستغني عن الطعام والشراب، فهو بشر مثلكم، وليس بملك. وقد قدمنا كلام أهل العلم في قوله:(مسحورًا) بشواهده العربية في سورة طه في الكلام على قوله تعالى: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}.
ولما ذكر الله هذا الذي قاله الكفار في نبيه - صلى الله عليه وسلم -، من الإفك والبهتان خاطب نبيه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٤٨)} وما قاله الكفار في هذه الآية أعني قولهم: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٤٧)} وما قاله الله لنبيه في ذلك، وهو قوله:{انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ} الآية. جاء كله مصرحًا به في سورة بني إسرائيل في قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٤٧) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٤٨)}.
قال الزمخشري: ضربوا لك الأمثال؛ قالوا فيك تلك الأقوال، واقترحوا لك تلك الصفات والأحوال النادرة، من نبوة مشتركة بين إنسان وملك، وإلقاء كنز عليك من السماء، وغير ذلك، فبقوا