للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متحيرين ضلالًا لا يجدون قولًا يستقرون عليه، أو فضلوا عن الحق فلا يجدون طريقًا إليه. اهـ.

والأظهر عندي في معنى الآية ما قاله غير واحد من أن معنى: ضربوا لك الأمثال: أنهم تارة يقولون: إنك ساحر، وتارة مسحور، وتارة مجنون، وتارة شاعر، وتارة كاهن، وتارة كذاب. ومن ذلك ما ذكر الله عنهم من قوله هنا: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ} الآية، وقوله: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} وقوله: {وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨)}.

وقوله تعالى: {فُضِّلُوا} أي: عن طريق الحق، لأن الأقوال التي قالوها، والأمثال التي ضربوها كلها كذب وافتراء، وكفر مخلد في نار جهنم، فالذين قالوها هم أضل الضالين.

وقوله تعالى: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} فيه أقوال كثيرة متقاربة.

وأظهرها أن معنى: فلا يستطيعون سبيلًا، أي: طريقًا إلى الحق والصواب. ونفي الاستطاعة المذكور هنا، كقوله تعالى: {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} وقوله تعالى: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (١٠١)} وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في سورة هود في الكلام على قوله تعالى: {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠)} وقد قدمنا أيضًا معنى الظلم والضلال وما فيهما من الإِطلاقات في اللغة مع الشواهد العربية في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.