• قوله تعالى:{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً} الأية. نهى الله تبارك وتعالى في هذه الآية عن ظن الموت بالشهداء، وصرح بأنهم أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، وأنهم فرحون بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، يستبشرون بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، ولم يبين هنا هل حياتهم هذه في البرزخ يدرك أهل الدنيا حقيقتها أو لا؟ ولكنه بين في سورة البقرة أنهم لا يدركونها بقوله: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ (١٥٤)} لأن نفي الشعور يدل على نفي الإدراك من باب أولى، كما هو ظاهر.
قال جماعة من العلماء: المراد بالناس القائلين "إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ" نعيم بن مسعود الأشجعي، أو أعرابي من خزاعة، كما أخرجه ابن مردويه من حديث أبي رافع. ويدل لهذا توحيد المشار إليه في قوله تعالى:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ} الآية.
قال صاحب الإتقان، قال الفارسي: ومما يقوي أن المراد به واحد قوله: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ} فوقعت الإشارة بقوله: ذَلِكُمُ إلى واحد بعينه، ولو كان المعنى جمعا لقال: إنما أولئكم الشيطان. فهذه دلالة ظاهرة في اللفظ. اهـ منه بلفظه.
• قوله تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٧٨)} ذكر في هذه الآية الكريمة أنه يملي للكافرين، ويمهلهم لزيادة الإثم عليهم وشدة