للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرضعة غير أمه لا جناح عليه في ذلك، إذا سلم الأجرة المعينة في العقد، ولم يبين هنا الوجه الموجب لذلك، ولكنه بينه في سورة الطَّلاق بقوله تعالى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (٦)} والمراد بتعاسرهم: امتناع الرجل من دفع ما تطلبه المرأة، وامتناع المرأة من قبول الإرضاع بما يبذله الرجل، ويرضى به.

• قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل متوفى عنها تعتد بأربعة أشهر وعشر، ولكنه بين في موضع آخر أن محل ذلك ما لم تكن حاملا، فإن كانت حاملا كانت عدتها وضع حملها، وذلك في قوله: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ويزيده إيضاحا ما ثبت في الحديث المتفق عليه من إذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لسبيعة الأسلمية في الزواج بوضع حملها بعد وفاة زوجها بأيام، وكون عدة الحامل المتوفى عنها بوضع حملها هو الحق، كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -، خلافا لمن قال: تعتد بأقصى الأجلين. ويروى عن علي وابن عباس. والعلم عند الله تعالى.

تنبيهان

الأول: هاتان الآيتان أعني قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} وقوله: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} من باب تعارض الأعمين من وجه، والمقرر في الأصول الترجيح بينهما، والراجح منهما يخصص به عموم المرجوح كما عقده في المراقي بقوله:

وإن يك العموم من وجه ظهر ... فالحكم بالترجيح حتما معتبر