وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله تعالى عن فرعون وقومه:{وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا}، وقوله تعالى عن فرعون:{إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ}، وقوله تعالى: {قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤)}، والآيات بمثل ذلك كثيرة، وقد بيناها في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن نبيه موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، عاذ بربه، أي اعتصم به وتمنَّع، (من كل متكبر)، أي متصف بالكبر، (لا يؤمن بيوم الحساب) أي لا يصدق بالبعث والجزاء.
وسبب عياذ موسى بربه المذكور، أن فرعون قال لقومه: {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (٢٦)}.
فعياذ موسى المذكور باللَّه إنما هو في الحقيقة من فرعون، وإن كانت العبارة أعم من خصوص فرعون؛ لأن فرعون لا شك أنه متكبر لا يؤمن بيوم الحساب، فهو داخل في الكلام دخولًا أوليًا، وهو المقصود بالكلام.
وما ذكره جل وعلا في آية المؤمن هذه، من عياذ موسى باللَّه من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب، كفرعون وعتاة قومه، ذكر نحوه في سورة الدخان في قوله تعالى عن موسى مخاطبًا فرعون وقومه: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠)} الآية.