للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١٧)}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الذين يفترون عليه الكذب -أي: يختلقونه عليه- كدعواهم أنه حرم هذا، وهو لم يحرمه، ودعواهم له الشركاء والأولاد لا يفلحون؛ لأنهم في الدنيا لا ينالون إلا متاعًا قليلًا لا أهمية له، وفي الآخرة يعذبون العذاب العظيم، الشديد المؤلم. وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله في يونس: {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)} وقوله: {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (٢٤)} وقوله: {قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦)} إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ} خبر مبتدأ محذوف؛ أي: متاعهم في الدنيا متاع قليل.

وقال الزمخشري: منفعتهم في الدنيا متاع قليل. وقوله: {لَا يُفْلِحُونَ} أي: لا ينالون الفلاح، وهو يطلق على معنيين:

أحدهما: الفوز بالمطلوب الأكبر.

والثاني: البقاء السرمدي؛ كما تقدم بشواهده.

• قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ .. } الآية. هذا المحرم عليهم، المقصوص عليه من قبل المحال عليه هنا هو المذكور في (سورة الأنعام) في قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا