للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، ولكن يقولوا: إياكم كذا وكذا، ولم أكن لأصنع هذا. انتهى.

وقال الزمخشري: واللام في قوله: {لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} من التعليل الذي لا يتضمن معني الفرض اهـ. وكثير من العلماء يقولون: هي لام العاقبة. والبيانيون يزعمون أن حرف التعليل كاللام إذا لم تقصد به علة غائية، كقوله: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا .. } الآية، وقوله هنا: {لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} أن في ذلك استعارة تبعية في معنى الحرف.

قال مقيده -عفا الله عنه-: بل كل ذلك من أساليب اللغة العربية. فمن أساليبها: الإتيان بحرف التعليل للدلالة على العلة الغائية كقوله: {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ. .} الآية.

ومن أساليبها الإتيان باللام للدلالة على ترتب أمر على أمر، كترتب المعلول على علته الغائية. وهذا الأخير كقوله: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}؛ لأن العلة الغائية الباعثة لهم على التقاطه ليست هي أن يكون لهمِ عدوًا، بل ليكون لهم قرة عين، كما قالت امرأة فرعون: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} ولكن لما كان كونه عدوًا لهم وحزنًا يترتب على التقاطهم له، كترتب المعلول على علته الغائية - عبر فيه باللام الدالة على ترتيب المعلول على العلة. وهذا أسلوب عربي، فلا حاجة إلى ما يطيل به البيانيون في مثل هذا المبحث.

• قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتَاعٌ