للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠)} فهذه الصفات الدالة على كمال قدرته استدل بها على قدرته في الحج، وفي لقمان. وإيلاج كل من الليل والنهار في الآخر فيه معنيان:

الأول: وهو قول الأكثر: هو أن إيلاج كل واحد منهما في الآخر إنما هو بإدخال جزء منه فيه، وبذلك يطول النهار في الصيف؛ لأنه أولج فيه شيء من الليل، ويطول الليل في الشتاء؛ لأنه أولج فيه شيء من النهار، وهذه من أدلة قدرته الكاملة.

المعنى الثاني: هو أن إيلاج أحدهما في الآخر هو تحصيل ظلمة هذا في مكان ضياء ذلك، لغيبوبة الشمس، وضياء ذلك في مكان ظلمة هذا، كما يضيء البيت المغلق بالسراج، ويظلم بفقده. ذكر هذا الوجه الزمخشري، وكأنه يميل إليه، والأول أظهر، وأكثر قائلًا. والعلم عند الله تعالى.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} قرأه حفص وحمزة والكسائي: (يدعون) بالياء التحتية، وقرأه الباقون بتاء الخطاب الفوقية.

• قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣)}.

الظاهر: أن "تر" هنا من رأى بمعنى علم؛ لأن إنزال المطر وإن كان مشاهدًا بالبصر فكون الله هو الذي أنزله، إنما يدرك بالعلم لا بالبصر. فالرؤية هنا علمية عَلَى التحقيق.

فالمعنى: ألم تعلم الله منزلًا من السماء ماءً فتصبح الأرض مخضرة، أي: ذات خضرة بسبب النبات الذي ينبته الله فيها بسبب