والشر والبغي والانتصار، وأنه سميع لما يقولون، بصير بما يفعلون، أي: وذلك الوصف بخلق النهار والليل والإِحاطة بما يجري فيهما، والإِحاطة بكل قول وفعل بسب أن الله هو الحق، أي: الثابت الإِلهية والاستحقاق للعبادة وحده، وأن كل ما يدعى إلهًا غيره باطل وكفر، ووبال على صاحبه، وأنه جل وعلا هو العلي الكبير الذي هو أعلا من كل شيء، وأعظم وأكبر سبحانه وتعالى علوًا كبيرًا.
وقد أشار تعالى لأول ما ذكرنا بقوله:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} الآية، ولآخره بقوله:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} الآية.
والأظهر عندي: أن الإِشارة في قوله (ذلك) راجعة إلى ما هو أعم من نصر المظلوم، وأنها ترجع لقوله:{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} إلى ما ذكره من نصرة المظلوم، أي: ذلك المذكور من كون الملك له وحده يوم القيامة، وأنه الحاكم وحده بين خلقه، وأنه المدخل الصالحين جنات النعيم، والمعذب الذين كفروا العذاب المهين، والناصر من بغي عليه من عباده المؤمنين، بسبب أنه القادر على كل شيء. ومن أدلة ذلك: أنه يولج الليل في النهار إلى آخر ما ذكرنا. وهذا الذي وصف به نفسه هنا من صفات الكمال والجلال ذكره في غير هذا الموضع، كقوله في سورة لقمان مبينًا أن من اتصف بهذه الصفات قادر على إحياء الموتى، وخلق الناس: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨)}.