للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا}.

اعلم أن الحسنة في هذه الآية الكريمة تشمل نوعين من الحسنات:

الأول: حسنة هي فعل خير من أفعال العبد، كالإنفاق في سبيل الله، وبذل النفس والمال في إعلاء كلمة الله، ونحو ذلك. ومعنى قوله تعالى: {فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} بالنسبة إلى هذا النوع من الحسنات، أن الثواب مضاعف، فهو خير من نفس العمل؛ لأن من أنفق درهمًا واحدًا في سبيل الله، فأعطاه الله ثواب سبعمائة درهم، فله عند الله ثواب هو سبعمائة درهم مثلًا، خير من الحسنة التي قدمها التي هي إنفاق درهم واحد، وهذا لا إشكال فيه كما ترى.

وهذا المعنى توضحه آيات من كتاب الله كقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} ومعلوم أن عشر أمثال الحسنة خير منها، هي وحدها، وكقوله تعالى: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} وقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١)} الآية.

وأما النوع الثاني من الحسنة: فكقول من قال من أهل العلم: إن المراد بالحسنة في هذه الآية: لَا إلهَ إلَّا الله، ولا يوجد شيء خير من لَا إلهَ إلَّا الله، بل هي أساس الخير كله. والذي يظهر على هذا المعنى أن لفظة خير ليست صيغة تفضيل، وأن المعنى فله خير عظيم عند الله حاصل له منها: منها أي: من قبلها، ومن أجلها، وعليه