قوله اطيرنا بك، أي: تشاءمنا بك. وكان قوم صالح إذا نزل بهم قحط أو بلاء أو مصائب قالوا: ما جاءنا هذا إلَّا من شؤم صالح، ومن آمن به والتطير: التشاؤم، وأصل اشتقاقه من التشاؤم بزجر الطير.
وقد بينا كيفية التشاؤم والتيامن بالطير في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}.
وقوله تعالى:{قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ} قال بعض أهل العلم: أي: سببكم الذي يجيء منه خيركم وشركم عند الله، فالشر الذي أصابكم بذنوبكم، لا بشؤم صالح، ومن آمن به من قومه.
وقد قدمنا معنى طائر الإِنسان في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}.
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من تشاؤم الكفار بصالح، ومن معه من المؤمنين جاء مثله موضحًا في آيات أخر من كتاب الله، كقوله تعالى في تشاؤم فرعون وقومه بموسى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣١)}، وقوله تعالى في تطير كفار قريش بنبينا - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨)} والحسنة في الآيتين النعمة كالرزق والخصب، والعافية. والسيئة المصيبة بالجدب والقحط، ونقص الأموال، والأنفس، والثمرات،