وقوله تعالى:{أَأَنْتُمْ} قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو وهشام عن ابن عامر في إحدى الروايتين بتسهيل الهمزة الثانية، والرواية المشهورة التي بها الأداء عن ورش عن نافع إبدال الثانية ألفًا مشبعًا مدها لسكون النون بعدها، وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وهشام عن ابن عامر في الرواية الأخرى بتحقيق الهمزتين، وقالون وأبو عمرو وهشام بألف الإِدخال بين الهمزتين، والباقون بدونها.
قرأ هذا الحرف عامة القراء السبعة غير ابن كثير:(قدَّرنا) بتشديد الدال، وقرأه ابن كثير بتخفيفها، وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن الآية الكريمة قد يكون فيها وجهان أو أكثر من التفسير، ويكون كل ذلك صحيحًا، وكله يشهد له قرآن، فنذكر الجميع وأدلته من القرآن، ومن ذلك هذه الآية الكريمة.
وإيضاح ذلك أن في قوله:{قَدَّرْنَا} وجهين من التفسير، وفيما تتعلق به {عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ} وجهان أيضًا.
فقال بعض العلماء، وهو اختيار ابن جرير: إن قوله: {قَدَّرْنَا بَينَكُمُ الْمَوْتَ} أي قدرنا لموتكم آجالًا مختلفة وأعمارًا متفاوتة، فمنكم من يموت صغيرًا ومنكم من يموت شابًّا ومنكم من يموت شيخًا.
وهذا المعنى دلت عليه آيات كثيرة من كتاب الله، كقوله تعالى:{ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ}، وقوله تعالى: {ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦٧)}،