للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأن قليلًا من الكفار كانوا لا يكرهون الحق، وسبب امتناعهم عن الإِيمان باللَّه ورسوله ليس هو كراهيتهم للحق، ولكن سببه الأنفة والاستنكاف من توبيخ قومهم، وأن يقولوا: صبأوا وفارقوا دين آبائهم. ومن أمثلة من وقع له هذا أبو طالب فإنه لا يكره الحق الذي جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان يشد عضده في تبليغه رسالته كما قدمنا في شعره في قوله:

• اصدع بأمرك ما عليك غضاضة *

الأبيات، وقال فيها:

ولقد علم بأنّ دين محمد ... من خير أديان البرية دينا

وقال فيه - صلى الله عليه وسلم - أيضًا:

لقد علموا أن ابننا لا مكذب ... لدينا ولا يعني بقول الأباطل

وقد بين أبو طالب في شعره أن السبب المانع له من اعتناق الإِسلام ليس كراهية الحق، ولكنه الأنفة والخوف من ملامة قومه أو سبهم له، كما في قوله:

لولا الملامة أو حذار مسبة ... لوجدتني سمحًا بذاك يقينا

• قوله تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ}.

اختلف العلماء في المراد بالحق في هذه الآية، فقال بعضهم: الحق: هو الله تعالى، ومعلوم أن الحق من أسمائه الحسنى، كما في قوله تعالى: {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥) وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} وكون المراد بالحق في الآية: هو الله عزاه القرطبي