مقالاتهم لرسلهم هو تشابه قلوبهم في الكفر والطغيان، وكراهية الحق.
وقوله: {وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٠)} ذكر نحو معناه في قوله تعالى: {لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٨)} وقوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ} الآية. وذلك المنكر الذي تعره في وجوههم إنما هو لشدة كراهيتهم للحق. ومن الآيات الموضحة لكراهيتهم للحق أنهم يمتنعون من سماعه، ويستعملون الوسائل التي تمنعهم من أن يسمعوه، كما قال تعالى في قصة أول الرسل الذين أرسلهم بتوحيده والنهي عن الإِشراك به، وهو نوح: {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (٧)} وإنما جعلوا أصابعهم في آذانهم، واستغشوا ثيابهم خوف أن يسمعوا ما يقوله لهم نبيهم نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام من الحق، والدعوة إليه. وقال تعالى في أمة آخر الأنبياء - صلى الله عليه وسلم - :{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} الآية. فترى بعضهم ينهى بعضًا عن سماعه، ويأمرهم باللغو فيه، كالصياح والتصفيق المانع من السماع لكراهتهم للحق، ومحاولتهم أن يغلبوا الحق بالباطل.
وفي هذه الآية الكريمة سؤال معروف وهو أن يقال: قوله: {وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٠)} يفهم من مفهوم مخالفته أن قليلًا من الكفار ليسوا كارهين للحق. وهذا السؤال وارد أيضًا على آية الزخرف التي ذكرنا آنفًا، وهي قوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٨)}.
والجواب عن هذا السؤال: هو ما أجاب به بعض أهل العلم