للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: ومن الطريق جائر لا يصل إلى الله، بل هو زائغ وحائد عن الوصول إليه. ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}، وقوله: {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)}.

ويؤيد هذا التفسير قوله بعده: {وَمِنْهَا جَائِرٌ} وهذا الوجه أظهر عندي. واستظهره ابن كثير وغيره، وهو قول مجاهد.

الوجه الثاني: أن معنى الآية الكريمة: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} أي عليه جل وعلا أن يبين لكم طريق الحق على ألسنة رسله.

ويدل لهذا الوجه قوله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} وقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} وقوله: {فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (١٢)} إلى غير ذلك من الآيات.

وعلى هذا القول، فمعنى قوله: {وَمِنْهَا جَائِرٌ} غير واضح؛ لأن المعنى: ومن الطريق جائر عن الحق، وهو الذي نهاكم الله عن سلوكه. والجائر: المائل عن طريق الحق. والوجهان المذكوران في هذه الآية جاريان في قوله: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢)} الآية.

• قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (٩)}.

بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه لو شاء هداية جميع خلقه لهداهم أجمعين. وأوضح هذا المعنى في آيات أخر، كقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٥)} وقوله: