صرح الله تعالى في هذه الآية الكريمة بأن الكفار يقرون بأنه جل وعلا هو ربهم الرازق المدبر للأمور المتصرف في ملكه بما يشاء، وهو صريح في اعترافهم بربوبيته، ومع هذا أشركوا به جل وعلا.
والآيات الدالة على أن المشركين مقرون بربوبيته جل وعلا؛ ولم ينفعهم ذلك؛ لإشراكهم معه غيره فى حقوقه جل وعلا كثيرة، كقوله:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} وقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩)} وقوله: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّه} إلى قوله: {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩)} إلى غير ذلك من الآيات. ولذا قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)}.
والآيات المذكورة صريحة في أن الاعتراف بربوبيته جل وعلا لا يكفي في الدخول في دين الإسلام إلا بتحقيق معنى لا إله إلا الله نفيا وإثباتًا، وقد أوضحناه في سورة "الفاتحة" في الكلام على قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.
أما تجاهل فرعون لعنه الله لربوبيته جل وعلا في قوله: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالمِينَ (٢٣)} فإنه تجاهل عارف؛ لأنه عبد مربوب،