للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: إطلاق الضلال بمعنى الهلاك والغيبة، من قول العرب: ضل السمن في الطَّعام، إذا غاب فيه وهلك فيه، ولذلك تسمى العرب الدفن إضلالًا؛ لأنه تغييب في الأرض يؤول إلى استهلاك عظام الميت فيها؛ لأنها تصير رميمًا وتمتزج بالأرض. ومنه بهذا المعنى قوله تعالى: {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} الآية.

ومن إطلاق الضلال على الغيبة قوله تعالى: {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤)} أي غاب واضمحل.

ومن إطلاق الضلال على الدفن قول نابغة ذبيان:

فآب مضلوه بعين جلية ... وغودر بالجولان حزم ونائل

فقوله: مضلوه، يعني دافنيه. وقوله: بعين جلية، أي بخبر يقين، والجولان: جبل دفن عنده المذكور.

ومن الضلال بمعنى الغيبة والاضمحلال قول الأخطل:

كنت القذى في موج أكدر مزبد ... قذف الأتي به فضل ضلالا

وقول الآخر:

ألم تسأل فتخبرك الديار ... عن الحي المضلل أين ساروا

• قوله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٥)}.

أخبر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أنَّه أوحى إلى يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أنَّه سينبئ إخوته بهذا الأمر الذي فعلوا به في حال كونهم لا يشعرون، ثم صرح في هذه السورة