لوط وقوم هود وسبإ، فاحذروا من تكذيب نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، لئلا تنزل بكم مثل ما أنزلنا بهم. وهذا الوجه لا ينافي قوله بعده: {أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (٤٤)} والمعنى: أن الغلبة لحزب الله القادر على كل شيء، الذي أهلك ما حولكم من القرى بسبب تكذيبهم رسلهم، وأنتم لستم بأقوى منهم، ولا أكثر أموالًا ولا أولادًا؛ كما قال تعالى:{أَهُمْ خَيرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ} الآية. وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢)}، وقال تعالى:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
وإنذار الذين كذبوه - صلى الله عليه وسلم - بما وقع لمن كذب من قبله من الرسل كثير جدًا في القرآن. وبه تعلم اتجاه ما استحسنه ابن كثير رحمه الله من تفسير آية "الأنبياء" هذه بآية "الأحقاف" المذكورة كما بينا.
وقال الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة: فإن قلت: أي فائدة في قوله: {نَأْتِي الْأَرْضَ}؟ قلت: فيه تصوير ما كان الله يجريه على أيدي المسلمين، وأن عساكرهم وسراياهم كانت تغزو أرض المشركين، وتأتيها غالبة عليها ناقصة من أطرافها. اهـ منه. والله جل وعلا أعلم.