للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه يضع الموازين القسط ليوم القيامة؛ فتوزن أعمالهم وزنا في غاية العدالة والإنصاف؛ فلا يظلم الله أحدًا شيئًا، وأن عمله من الخير أو الشر وإن كان في غاية القلة والدقة كمثقال حبة من خردل، فإن الله يأتي به؛ لأنه لا يخفى عليه شيء وكفى به جل وعلا حاسبًا؛ لإحاطة علمه بكل شيء.

وبين في غير هذا الموضع: أن الموازين عند ذلك الوزن منها ما يخف، ومنها ما يثقل، وأن من خفت موازينه هلك، ومن ثقلت موازينه نجا؛ كقوله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (٩) وقوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَينَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (١٠٣) وقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هَاويَةٌ (٩)} إلى غير ذلك من الآيات.

وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة: من أن موازين يوم القيامة موازين قسط؛ ذكره في "الأعراف" في قوله: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} لأن الحق عدل وقسط. وما ذكره فيها: من أنه لا تظلم نفس شيئًا؛ بينه في مواضع أخر كثيرة؛ كقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠) وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٤) وقوله تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)} وقد قدمنا الآيات الدالة على