حذر تعالى في هذه الآية الكريمة بني آدم أن يفتنهم الشيطان كما فتن أبويهم، وصرح في موضع آخر، أنه حذر آدم من مكر إبليس قبل أن يقع فيما وقع فيه، ولم ينجه ذلك التحذير من عدوه وهو قوله تعالى: {فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (١١٧)}.
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الكفار إذا فعلوا فاحشة استدلوا على أنها حق وصواب بأنهم وجدوا آباءهم يفعلونها، وأنهم ما فعلوها إلا لأنها صواب ورشد.
وبين في موضع آخر أن هذا واقع من جميع الأمم، وهو قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣)}.
ورد الله عليهم هذا التقليد الأعمى في آيات كثيرة، كقوله: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠)} وقوله: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٠٤)} وقوله: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ} وقوله: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠)} إلى غير ذلك من الآيات.
• قوله تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ} في هذه الآية الكريمة للعلماء وجهان من التفسير:
الأول: أن معنى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩)} أي كما سبق لكم في علم الله من سعادة أو شقاوة، فإنكم تصيرون إليه، فمن سبق له