وفي قوله:{لِتُحْصِنَكُمْ} ثلاث قراءات سبعية؛ قرأه عامة السبعة ماعدا ابن عامر وعاصمًا "ليحصنكم" بالياء المثناة التحتية، وعلى هذه القراءة فضمير الفاعل عائد إلى داود، أو إلى اللبوس؛ لأن تذكيرها باعتبار معنى ما يلبس من الدروع جائز. وقرأه ابن عامر وحفص عن عاصم {لِتُحْصِنَكُمْ} بالتاء المثناة الفوقية، وعلى هذه القراءة فضمير الفاعل راجع إلى اللبوس وهي مؤنثة، أو إلى الصنعة المذكورة في قوله:{صَنْعَةَ لَبُوسٍ}، وقرأه شعبة عن عاصم:{لِنُحْصِنَكُمْ} بالنون الدالة على العظمة، وعلى هذه القراءة فالأمر واضح.
قوله:{وَلِسُلَيمَانَ الرِّيحَ} معطوف على معمول {وَسَخَّرْنَا} في قوله: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَال} أي وسخرنا لسليمان الريح في حال كونها عاصفة؛ أي شديدة الهبوب. يقال: عصفت الريح أي اشتدت، فهي ريح عاصف وعصوف، وفي لغة بني أسد: أعصفت فهي مُعْصف ومُعْصفة، وقد قدمنا بعض شواهده العربية في سورة "الإسراء".
وقوله:{تَجْرِي بِأَمْرِهِ} أي: تطيعه وتجري إلى المحل الذي يأمرها به، وما ذكره في هذه الآية: من تسخير الريح لسليمان، وأنها تجري بأمره؛ بينه في غير هذا الموضع وزاد بيان قدر سرعتها، وذلك في قوله:{وَلِسُلَيمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}، وقوله: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيثُ أَصَابَ (٣٦)}.