سيفًا أو رمحًا. ومن إطلاقه على الرمح قول أبي كبير الهذلي يصف رمحًا:
ومعي لبوس للبئيس كأنه ... روق بجبهة ذي نعاج مجفل
وتطلق اللبوس أيضًا على كل ما يلبس؛ ومنه قول بيهس:
البس لكل حالة لبوسها ... إما نعيمها وإما بوسها
وما ذكره هنا من الامتنان على الخلق بتعليمه صنعة الدروع ليقيهم بها من بأس السلاح تقدم إيضاحه في سورة "النحل" في الكلام على قوله تعالى: {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} الآية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (٨٠)} الظاهر فيه أن صيغة الاستفهام هنا يراد بها الأمر، ومن إطلاق الاستفهام بمعنى الأمر في القرآن قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَينَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)} أي: انتهوا. ولذا قال عمر رضي الله عنه: انتهينا يا رب، وقوله تعالى:{وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ} الآية، أي: أسلموا. وقد تقرر في فن المعاني: أن من المعاني التي تؤدى بصيغة الاستفهام: الأمر، كما ذكرنا.
وقوله: {شَاكِرُونَ (٨٠)} شكر العبد لربه: هو أن يستعين بنعمه على طاعته، وشُكْر الرب لعبده: هو أن يثيبه الثواب الجزيل من عمله القليل. ومادة "شكر" لا تتعدى غالبًا إلا باللام، وتعديتها بنفسها دون اللام قليلة، ومنه قول أبي نخيلة:
شَكَرْتك إن الشكر حبل من التقى ... وما كل من أوليته نعمة يقضي