لتحرز وتقي بعضكم من بأس بعض؛ لأن الدرع تقيه ضرر الضرب بالسيف، والرمي بالرمح والسهم، كما هو معروف. وقد أوضح هذا المعنى بقوله: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}، فقوله:{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} أي: أن اصنع دروعًا سابغات من الحديد الذي ألنَّاه لك. والسَّرْد: نسج الدرع. ويقال فيه الزرد، ومن الأول قول أبي ذؤيب الهذلي:
وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبع
ومن الثاني قول الآخر:
نقريهم لهذميات نقد بها ... ما كان خاط عليهم كل زَرَّاد
ومراده بالزرَّاد: ناسج الدرع. وقوله:{وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} أي اجعل الحلق والمسامير في نسجك للدرع بأقدار متناسبة؛ فلا تجعل المسمار دقيقًا لئلا ينكسر، ولا يشد بعض الحلق ببعض، ولا تجعله غليظًا غلظًا زائدًا فيفصم الحلقة. وإذا عرفت أن اللبوس في الآية الدروع؛ فاعلم أن العرب تطلق اللبوس على الدروع كما في الآية؛ ومنه قول الشاعر:
عليها أسود ضاويات لبوسهم ... سوابغ بيض لا يخرقها النبل
فقوله:"سوابغ" أي دروع سوابغ، وقول كعب بن زهير:
شمُّ العرانيين أبطال لبوسهم ... من نسج داود في الهيجا سرابيل
ومراده باللبوس التي عبر عنها بالسرابيل: الدروع. والعرب تطلق اللبوس أيضًا على جميع السلاح، درعًا كان أو جوشنًا أو