للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقد اتفق لي ببلادنا الأندلس بحصن منثور من أعمال قرطبة مثل هذا. وذلك أني هربت أمام العدو وانحزت إلى ناحية عنه، فلم ألبث أن خرج في طلبي فارسان، وأنا في فضاء من الأرض قاعد ليس يسترني عنهما شيء، وأنا أقرأ أول سورة يس وغير ذلك من القرآن، فعبرا علي ثم رجعا من حيث جاءا، وأحدهما يقول للآخر: هذا ديبله (يعنون شيطانًا) وأعمى الله عز وجل أبصارهم، فلم يروني اهـ وقال القرطبي: إن هذا الوجه في معنى الآية هو الأظهر. والعلم عند الله تعالى.

وقوله في هذه الآية الكريمة: {حِجَابًا مَسْتُورًا (٤٥)} قال بعض العلماء: هو من إطلاق اسم المفعول وإرادة اسم الفاعل؛ أي: حجابًا ساترًا، وقد يقع عكسه كقوله تعالى: {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦)} أي: مدفوق {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١)} أي: مرضية، فإطلاق كل من اسم الفاعل واسم المفعول وإرادة الآخر أسلوب من أساليب اللغة العربية؛ والبيانيون يسمون مثل ذلك الإطلاق "مجازًا عقليًا".

ومن أمثلة إطلاق المفعول وإرادة الفاعل كالقول في الآية = قولهم: ميمون ومشئوم، بمعنى يامن وشائم.

وقال بعض أهل العلم: قوله {مَسْتُورًا (٤٥)} على معناه الظاهر من كونه اسم مفعول؛ لأن ذلك الحجاب مستور عن أعين الناس فلا يرونه، أو مستورًا به القارئ فلا يراه غيره، واختار هذا أبو حيان في البحر. والعلم عند الله تعالى.

• قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه جعل على قلوب الكفار