قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} الآية، يدل على أن كلًا منهما مرسل، وأنهما مع ذلك بينهما تغاير. واستظهر بعضهم أن النبي الذي هو رسول أنزل إليه كتاب وشرع مستقل مع المعجزة التي ثبتت بها نبوته، وأن النبي المرسل الذي هو غير الرسول هو من لم ينزل عليه كتاب وإنما أوحي إليه أن يدعو الناس إلى شريعة رسول قبله، كأنبياء بني إسرائيل الذين كانوا يرسلون، ويؤمرون بالعمل بما في التوراة، كما بينه تعالى بقوله:{يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} الآية.
وقوله في هذه الآية:{فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} أي: تخشع وتخضع وتطمئن.
ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار لا يزالون في مرية، أي: شك وريب منه، أي: من هذا القرآن العظيم كما هو الظاهر. واختاره ابن جرير، وهو قول ابن جريج، كما نقله عنهم ابن كثير. وقال سعيد بن جبير، وابن زيد:{فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} أي: في شك مما ألقى الشيطان.
وذكر تعالى في هذه الآية: أنهم لا يزالون كذلك حتى تأتيهم الساعة، أي: القيامة بغتة، أي: فجأة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم. قد روى مجاهد عن أبي بن كعب: أن اليوم العقيم المذكور يوم بدر. وكذا قال مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وغير واحد. واختاره ابن جرير كما نقله عنهم ابن كثير في تفسيره، ثم قال: وقال مجاهد،