الأبتر لعطفه عليه في الحديث، ورواية البخاري التي قدمنا عن أبي لبابة:"لا تقتلوا الجنان إلا كل أبتر ذي طفيتين" يقتضي أنهما واحد. فالجواب: أن ابن حجر في الفتح أجاب عن هذا؛ بأن الرواية المذكورة ظاهرها اتحادهما، ولكنها لا تنفي المغايرة اهـ. والظاهر أن مراده بأنها لا تنفي المغايرة: أن الأبتر وإن كان ذا طُفْيتين فلا ينافي وجود ذي طفيتين غير الأبتر. والله تعالى أعلم.
الظاهر أن الخطاب لبني آدم؛ أي فإن يأتكم مني هدى، أي رسول أرسله إليكم، وكتاب يأتي به رسول، فمن اتبع منكم هداي، أي من آمن برسلي وصدق بكتبي، وامتثل ما أمرتُ به، واجتنب ما نهيتُ عنه على ألسنة رسلي؛ فإنه لا يضل في الدنيا، أي لا يزيغ عن طريق الحق لاستمساكه بالعروة الوثقى، ولا يشقى في الآخرة؛ لأنه كان في الدنيا عاملًا بما يستوجب السعادة من طاعة الله تعالى وطاعة رسله. وهذا المعنى المذكور هنا ذكر في غير هذا الموضع؛ كقوله في "البقرة": {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨)} ونحو ذلك من الآيات. وفي هذه الآيات دليل على أن الله بعد أن أخرج أبوينا من الجنة لا يردُّ إليها أحدًا منا إلا بعد الابتلاء والامتحان بالتكاليف من الأوامر والنواهي، ثم يطيع الله فيما ابتلاه به؛ كما تقدمت الإشارة إليه في سورة "البقرة".