التحقيق إن شاء الله، أن معنى الآية الكريمة: ما أدري ما يفعل بي ولا بكم في دار الدنيا، فما أدري أأخرج من مسقط رأسي أو أقتل كما فعل ببعض الأنبياء، وما أدري ما ينالني من الحوادث والأمور في تحمل أعباء الرسالة، وما أدري ما يفعل بكم، أيخسف بكم، أو تنزل عليكم حجارة من السماء، ونحو ذلك.
وهذا هو اختيار ابن جرير وغير واحد من المحققين.
وهذا المعنى في هذه الآية دلت عليه آيات من كتاب الله، كقوله تعالى:{وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} الآية، وقوله تعالى أمرًا له - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيبَ} الآية.
وبهذا تعلم أن ما يروى عن ابن عبَّاس وأنس وغيرهما من أن المراد:{مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} أي في الآخرة، فهو خلاف التحقيق، كما سترى إيضاحه إن شاء الله.
فقد روي عن ابن عبَّاس وأنس وقَتَادة والضحاك وعكرمة والحسن في أحد قوليه أنَّه لما نزل قوله تعالى: {مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا