قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك: أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يذكر بعض العلماء في الآية قولًا ويكون في نفس الآية قرينة تدل على خلاف ذلك القول. فإذا علمت ذلك فاعلم: أن في قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {مِنْ عَجَلٍ} فيه للعلماء قولان معروفان، وفي نفس الآية قرينة تدل على عدم صحة أحدهما. أما القول الذي دلت القرينة المذكورة على عدم صحته؛ فهو قول من قال: العجل: الطين وهي لغة حميرية؛ كما قال شاعرهم:
البيع في الصخرة الصماء منبته ... والنخل ينبت بين الماء والعجل
يعني: بين الماء والطين. وعلى هذا القول فمعنى الآية: خلق الإنسان من طين، كقوله تعالى:{أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا}،