للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا} الآية. الآياتِ الموضحة نتائج الإعراض عن ذكر الله تعالى الوخيمة؛ فأغنى ذلك عن إعادته هنا. وقد قدمنا هناك أن منها المعيشة الضنك. واعلم أن الضنك في اللغة: الضيق؛ ومنه قول عنترة:

إن يُلحقو أكْرر وإن يُستلحموا ... أشْدُد وإن يُلفوا بضنك أنزِلِ

وقوله أيضًا:

إن المنيةَ لو تُمَثَّل مُثِّلَتْ ... مثلي إذا نزلوا بضَنْك المنزلِ

وأصل الضَّنْك مصدر وصف به، فيستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والجمع. وبه تعلم أن معنى قوله: {مَعِيشَةً ضَنْكًا} أي عيشًا ضيقًا والعياذ بالله تعالى.

واختلف العلماء في المراد بهذا العيش الضيق على أقوال متقاربة، لا يكذب بعضها بعضًا. وقد قدمنا مرارًا أن الأولى في مثل ذلك شمول الآية لجميع الأقوال المذكورة. ومن الأقوال في ذلك: أن معنى ذلك أن الله عزَّ وجلَّ جعل مع الدين التسليم والقناعة، والتوكل على الله، والرضا بقسمته، فصاحبه ينفق مما رزقه الله بسماح وسهولة، فيعيش عيشًا هنيئًا. ومما يدل على هذا المعنى من القرآن قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} الآية، وقوله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} الآية؛ كما تقدم إيضاح ذلك كله.

وأما المُعْرض عن الدين فإنه يستولي عليه الحرص الذي