الأول: أن يقال: إن الله وصف الريح المذكورة هنا في سورة "الأنبياء" بأنها عاصفة، أي شديدة الهبوب، ووصفها في سورة "ص" بأنها تجري بأمره رخاء. والعاصفة غير التي تجري رخاء.
والسؤال الثاني: هو أنه هنا في سورة "الأنبياء" خص جريها به بكونه إلى الأرض التي بارك فيها للعالمين، وفي سورة "ص" قال: {تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيثُ أَصَابَ (٣٦)}، وقوله: {حَيثُ أَصَابَ (٣٦)} يدل على التعميم في الأمكنة التي يريد الذهاب إليها على الريح، فقوله: {حَيثُ أَصَابَ (٣٦)} أي حيث أراد؛ قال مجاهد. وقال ابن الأعرابي: العرب تقول: أصاب الصواب، وأخطأ الجواب؛ أي أراد الصواب وأخطأ الجواب. ومنه قول الشاعر:
أصاب الكلام فلم يستطع ... فأخطا الجواب لدى المفصل
قاله القرطبي. وعن رؤبة: أن رجلين من أهل اللغة تصداه ليسألاه عن معنى "أصاب"؛ فخرج إليهما فقال: أين تصيبان؟ فقالا: هذه طلبتنا، ورجعا.
أما الجواب عن السؤال الأول فمن وجهين: الأول: أنها عاصفة في بعض الأوقات، ولينة رخاء في بعضها بحسب الحاجة؛ كأن تعصف ويشتد هبوبها في أول الأمر حيث ترفع البساط الذي عليه سليمان وجنوده، فإذا ارتفع سارت به رخاء حيث أصاب.