إنزاله الماء من السماء، وهذه آية من آياته وبراهين قدرته عَلَى البعث كما بيناه مرارًا. وهذا المعنى المذكور هنا من كون إنبات نبات الأرض بإنزال الماء من آياته الدالة عَلَى كمال قدرته جاء موضحًا في آيات كثيرة، كقوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} ثم بين أن ذلك من براهين البعث بقوله: {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى} وكقوله: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} ثم بين أن ذلك من براهين البعث بقوله: {إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٥٠)} وقوله: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} ثم بين أن ذلك من براهين البعث بقوله: {كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} أي: خروجكم من قبوركم أحياء بعد الموت، كقوله: {وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩)} وقوله: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٥٧)} والآيات بمثل هذا كثيرة.
تنبيه
في هذه الآية الكريمة سؤالان معروفان:
الأول: هو ما حكمة عطف المضارع في قوله: (فتصبح) على الماضي الذي هو (أنزل)؟
السؤال الثاني: ما وجه الرفع في قوله: (فتصبح) مع أن قبلها استفهامًا؟
فالجواب عن الأول: أن النكتة في المضارع هي إفادة بقاء أثر المطر زمانًا بعد زمان، كما تقول: أنعم علي فلان عام كذا وكذا،