فأروح وأغدو شاكرًا له، ولو قلت: فغدوت ورحت لم يقع ذلك الموقع. هكذا أجاب به الزمخشري.
والذي يظهر لي - واللَّه أعلم - : أن التعبير بالمضارع يفيد استحضار الهيأة التي اتصفت بها الأرض بعد نزول المطر، والماضي لا يفيد دوام استحضارها؛ لأنه يفيد انقطاع الشيء.
أما الرفع في قوله:(فتصبح) فلأنه ليس مسببًا عن الرؤية التي هي موضع الاستفهام، وإنما هو مسبب الإِنزال في قوله:(أنزل) والإِنزال الذي هو سبب إصباح الأرض مخضرة ليس فيه استفهام، ومعلوم أن الفاء التي ينصب بعدها المضارع إن حذفت جاز جعل مدخولها جزاء للشرط، ولا يمكن أن تقول هنا: إن تر أن الله أنزل من السماء ماء، تصبح الأرض مخضرة؛ لأن الرؤية لا أثر لها البتة في اخضرار الأرض، بل سببه إنزال الماء، لا رؤية إنزاله.
وقد قال الزمخشري في الكشاف في الجواب عن هذا السؤال: فإن قلت: فما له رفع ولم ينصب جوابًا للاستفهام.
قلت: لو نصب لأعطى ما هو عكس الغرض؛ لأن معناه إثبات الاخضرار، فينقلب بالنصب إلى نفي الاخضرار.
مثاله: أن تقول لصاحبك: ألم تراني أنعمت عليك فتشكر، إن تنصبه فأنت ناف لشكره شاكٍ تفريطه، وإن رفعته فأنت مثبت للشكر، وهذا وأمثاله مما يجب أن يرغب له من اتسم بالعلم في علم الإِعراب، وتوقير أهله. انتهى منه. وذكر نحوه أبو حيان وفسره ظانًا أنه أوضحه، ولا يظهر لي كل الظهور. والعلم عند الله تعالى.
فإن قيل: كيف قال: فتصبح مع أن اخضرار الأرض قد يتأخر عن صبيحة المطر.