تصفه ألسنتكم من رزق الله بالحل والحرمة؛ كما ذكر في الآيات المذكورة آنفًا من غير استناد ذلك الوصف إلى دليل، واللام مثلها في قولك: لا تقولوا لما أحل الله: هو حرام، وكقوله:{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ} الآية. وجملة:{هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} بدل من {الْكَذِبَ} وقيل: إن الجملة المذكورة في محل نصب بـ {تَصِفُ} بتضمينها معني تقول، أي: ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم، فتقول: هذا حلال وهذا حرام. وقيل:{الْكَذِبَ} مفعول به لـ {تَصِفُ} و"ما" مصدرية، وجملة:{هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} متعلقة بـ {وَلَا تَقُولُواْ} أي: لا تقولوا هذا حلال، وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب، أي: لا تحرموا ولا تحللوا لأجل قول تنطق به ألسنتكم، ويجول في أفواهكم، لا لأجل حجة وبينه. قاله صاحب الكشاف، وقيل:{الْكَذِبَ} بدل من هاء المفعول المحذوفة، أي: لما تصفه ألسنتكم الكذب.
تنبيه
كان السلف الصالح رضي الله عنهم يتورعون عن قولهم: هذا حلال وهذا حرام، خوفًا من هذه الآيات.
قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة:
قال الدارمي أبو محمد في مسنده: أخبرنا هارون، عن حفص، عن الأعمش قال: ما سمعت إبراهيم قط يقول: حلال ولا حرام، ولكن كان يقول: كانوا يكرهون، وكانوا يستحبون.