سورة "الزخرف": {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} وقوله: {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى}، وقوله: {فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (٢٠)}؛ لأن الكبرى في الموضعين تأنيث الأكبر، وهي صيغة تفضيل تدل على أنها أكبر من غيرها.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَكَذَّبَ وَأَبَى (٥٦)} يعني أنه مع ما أراه الله من الآيات المعجزات الدالة على صدق نبيه موسى، كذب رسول ربه موسى، وأبى عن قبول الحق. وقد أوضح جل وعلا في غير هذا الموضع شدة إبائه وعناده وتكبره على موسى في مواضع كثيرة من كتابه؛ كقوله: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (١٣٢)}، وقوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (٤٧)}، وقوله: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (٢٩)}، وقوله تعالى: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَال يَاقَوْمِ أَلَيسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (٥٢) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيهِ أَسْورَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣)}. ومقصوده بذلك كله تعظيم أمر نفسه وتحقير أمر موسى، وأنه لا يمكن أن يتبع الفاضل المفضول.
وقد بين جل وعلا: أن فرعون كذب وأبى، وهو عالم بأن ما جاء به موسى حق. وأن الآيات التي كذب بها وأبي عن قبولِها ما أنزلها إلا الله، وذلك في قوله تعالى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}، وقوله: {قَال لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (١٠٢)} إلى غير ذلك من الآيات. وقوله:{أَرَينَاهُ} أصله من رأى البصرية على الصحيح.