للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمنافِع والألوان، والروائح والطعوم. وقيل: {شَتَّى (٥٣)} نعت لـ {نَبَاتٍ} أي نبات مختلف كما بينا. والأظهر الأول، وقوله: {شَتَّى (٥٣)} جمع شتيت؛ كمريض ومرضى. والشتيت: المتفرق؛ ومنه قول رؤبة يصف إبلًا جاءت مجتمعة ثم تفرقت، وهي تثير غبارًا مرتفعًا:

جاءت معًا وأطرقت شتيتًا ... وهي تثير الساطع السختيتا

وثغر شتيت: أي متفلج لأنه متفرق الأسنان؛ أي ليس بعضها لاصقًا ببعض.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا} قد قدمنا أن معنى السلك: الإدخال. وقوله: {وَسَلَكَ} هنا معناه أنه جعل في داخل الأرض بين أوديتها وجبالها سبلًا فجاجًا يمر الخلق معها. وعبر عن ذلك هنا بقوله: {وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا} وعبر في مواضع أخر عن ذلك بالجعل، كقوله في "الأنبياء": {وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١)} وقوله في "الزخرف": {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠)} وعبر في بعض المواضِع عن ذلك بالإلقاء كقوله في "النحل": {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}؛ لأن عطف السُّبل على الرواسي ظاهر في ذلك.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ} أي كلوا أيها الناس من الثمار والحبوب التي أخرجناها لكم من الأرض بالماء الذي أنزلنا من جميع ما هو غذاء لكم من الحبوب والفواكه ونحو ذلك، وارعوا أنعامكم؛ أي: أسيموها وسرحوها في المرعى