وهذا الالتفات من الغيبة إلى التكلم بصيغة التعظيم في هذه الآيات كلها في إنبات النبات؛ يدل على تعظيم شأن إنبات النبات لأنه لو لم ينزل الماء ولم ينبت شيئًا لهلك الناس جوعًا وعطشًا. فهو يدل على عظمته جل وعلا، وشدة احتياج الخلق إليه، ولزوم طاعتهم له جل وعلا.
وقوله في هذه الآية:{أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} أي أصنافًا مختلفة من أنواع النبات، فالأزواج: جمع زوج، وهو هنا المصنف من النبات، كما قال تعالى في سورة "الحج": {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥)} أي: من كل صنف حسن من أصناف النبات، وقال تعالى في سورة "لقمان": {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠)} أي: من كل نوع حسن من أنواع النبات، وقال تعالى في سورة "يس": {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (٣٦)} إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله: {شَتَّى (٥٣)} نعت لقوله: {أَزْوَاجًا}. ومعنى قوله: {أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (٥٣)} أي أصنافًا مختلفة الأشكال والمقادير،