للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الأولى -التي هي جعله الأرض مهدًا-: فقد ذكر الامتنان بها مع الاستدلال بها على أنه المعبود وحده في مواضع كثيرة من كتابه؛ كقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} الآية، وقوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَال أَوْتَادًا (٧) وقوله تعالى: {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (٤٨) وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا}. والآيات بمثل ذلك كثيرة جدًا.

وأما الثانية: التي هي جَعْله فيها سبلًا؛ فقد جاء الامتنان والاستدلال بها في آيات كثيرة؛ كقوله في "الزخرف": {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠)}. وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١)} وقد قدمنا الآيات الدالة على هذا في سورة "النحل" في الكلام على قوله: {وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥)}.

وأما الثالثة والرابعة: وهما إنزال الماء من السماء وإخراج النبات به من الأرض؛ فقد تكرر ذكرهما في القرآن على سبيل الامتنان والاستدلال معًا؛ كقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ} الآية. وقد قدمنا الآيات الدالة على ذلك.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا} فيه التفات من الغيبة إلى التكلم بصيغة التعظيم؛ ونظيره في القرآن قوله تعالى في "الأنعام": {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً