للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله في هذه الآية الكريمة: {صَعِيدًا جُرُزًا (٨)} أي أرضًا بيضاء لا نبات بها. وقد قدمنا معنى "الصعيد" بشواهده العربية في سورة "المائدة".

والجرز: الأرض التي لا نبات بها، كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (٢٧)} ومنه قول ذي الرمة:

طوى النحز والأجراز ما في غروضها ... وما بقيت إلا الضلوع الجراشع

لأن مراده "بالأجراز" الفيافي التي لا نبات فيها، والأجراز: جمع جِرَزَة، والجِرَزَة: جمع جُرُز، فهو جمع الجمع للجُرُز، كما قاله الجوهري في صحاحه.

قال الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا} من هذه الزينة {صَعِيدًا جُرُزًا} أي مثل أرض بيضاء لا نبات فيها بعد أن كانت خضراء معشبة في إزالة بهجته، وإماطة حسنه، وإبطال ما به كان زينة؛ من إماتة الحيوان، وتجفيف النبات والأشجار اهـ.

وهذا المعنى المشار إليه هنا جاء مبينًا في مواضع أخر، كقوله: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢٤) وكقوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ