للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغاية ما في هذا الوجه أن آية الشورى هذه فيها إجمال في سبب تفطر السماوات، وقد جاء ذلك موضحًا في آية مريم المذكورة.

وكلا الوجهين حق.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة {يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} فيه للعلماء أوجه:

قيل: (يتفطرن)، أي السماوات، (من فوقهن) أي الأرضين. ولا يخفى بعد هذا القول، كما ترى.

وقال بعضهم: (من فوقهن) أي كل سماء تتفطر فوق التي تليها.

وقال الزمخشري في الكشاف: فإن قلت لم قال: {مِنْ فَوْقِهِنَّ} قلت: لأن أعظم الآيات وأدلها على الجلال والعظمة فوق السماوات، وهي العرش والكرسي، وصفوف الملائكة المرتجة بالتسبيح والتقديس حول العرش، وما لا يعلم كنهه إلا الله تعالى من آثار ملكوته العظمى، فلذلك قال: {يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} أي يبتدئ الانفطار من جهتهن الفوقانية.

أو لأن كلمة الكفر جاءت من الذي تحت السموات، فكان القياس أن يقال: يتفطرن من تحتهن من الجهة التي جاءت منها الكلمة، ولكنه بولغ في ذلك فجعلت مؤثرة في جهة الفوق، كأنه قيل: يكدن يتفطرن من الجهة التي فوقهن، دع الجهة التي تحتهن.

ونظيره في المبالغة قوله عز وجل: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ} فجعل الحميم مؤثرًا في أجزائهم الباطنة. اهـ. محل الغرض منه.