للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهم لشدة خوفهم من الله، وإجلالهم له يسبحون بحمد ربهم، ويخافون على أهل الأرض، ولذا يستغفرون لهم خوفًا عليهم من سخط الله وعقابه.

ويستأنس لهذا الوجه بقوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى قوله: {وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا}؛ لأن الإِشفاق الخوف.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} يعني لخصوص الذين آمنوا وتابوا إلى الله واتبعوا سبيله، كما أوضحه تعالى بقوله: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}.

فقوله: {لِلَّذِينَ آمَنُوا} يوضح المراد من قوله: {لِمَنْ فِي الْأَرْضِ}.

ويزيد ذلك إيضاحًا قوله تعالى عنهم، إنهم يقولون في استغفارهم للمؤمنين: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ}؛ لأن ذلك يدل دلالة واضحة على عدم استغفارهم للكفار.

الوجه الثاني: أن المعنى {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ} من شدة عظم الفرية التي افتراها الكفار على خالق السماوات والأرض جل وعلا، من كونه اتخذ ولدًا، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، وهذا الوجه جاء موضحًا في سورة مريم في قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣)} كما قدمنا إيضاحه.