للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الياء وكسر الطاء المخففة، مضارع انفطرت، كقوله: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١)} أي انشقت.

وقوله: (تكاد) مضارع كاد، التي هي فعل مقاربة، ومعلوم أنها تعمل في المبتدأ والخبر، ومعنى كونها فعل مقاربة أنها تدل على قرب اتصاف المبتدأ بالخبر.

وإذًا، فمعنى الآية: أن السماوات قاربت أن تتصف بالتفطر، على القراءة الأولى، والانفطار، على القراءة الثانية.

واعلم أن سبب مقاربة السماوات للتفطر في هذه الآية الكريمة، فيه للعلماء وجهان كلاهما يدل له قرآن:

الوجه الأول: أن المعنى تكاد السماوات يتفطرن خوفًا من الله، وهيبة وإجلالًا، ويدل لهذا الوجه قوله تعالى قبله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٢٥٥)}؛ لأن علوه وعظمته سبَّب للسماوات ذلك الخوف والهيبة والإِجلال، حتى كادت تتفطر.

وعلى هذا الوجه فقوله بعده: {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} مناسبته لما قبله واضحة؛ لأن المعنى: أن السماوات في غاية الخوف منه تعالى والهيبة والإِجلال له، وكذلك سكانها من الملائكة فهم يسبحون بحمد ربهم أي ينزهونه عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله، مع إثباتهم له كل كمال وجلال، خوفًا منه وهيبة وإجلالًا، كما قال تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ}، وقال تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)}.