وإلَّا فلا، أما إن استهل صارخًا، فلا خلاف بينهم في الصلاة عليه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: اعلم أن اختلاف الأئمة في هذه المسألة من قبيل الاختلاف في تحقيق المناط؛ لأن مناط الأمر بالصلاة عليه هو أن يعلم أنه تقدمت له حياة؛ ومناط عدم الصلاة عليه هو أن يعلم أنه لم تتقدم له حياة، فمالك ومن وافقه رأوا أنه إن استهل صارخًا، أو طالت مدته حيًّا علم بذلك أنه مات بعد حياة، فيغسل ويصلى عليه، وقالوا: إن مطلق الحركة لا يدل على الحياة؛ لأن المذبوح قد يتحرك حركة قوية، وقالوا: إنه إن رضع لم يدل ذلك على حياته. قالوا: قد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما طعنه عدو الله معدودًا في الأموات لو مات له مورث في ذلك الوقت ما ورثه، وهو قول ابن القاسم. ولو قتل رجل عمر في ذلك الوقت لما قتل به؛ لأنه في حكم الميت، وإن كان عمر في ذلك الوقت يتكلم ويعهد.
والذين خالفوا هؤلاء قالوا: لا نسلم ذلك، فكل حركة قوية تدل على الحياة، وعمر ما دام قادرًا على الحركة القوية الدالة على الحياة، فهو حي تجري عليه أحكام الحياة.
والذين قالوا: يغسل إن سقط بعد أربعة أشهر، استندوا في ذلك إلى حديث ابن مسعود المتفق عليه الذي قدمناه في هذا المبحث نحو ما ساقه البخاري ومسلم، فإنه يدل على أنه بعد الأربعين الثالثة ينفخ فيه الروح، وانتهاء الأربعين الثالثة هو انتهاء أربعة أشهر، فقد دلَّ الحديث على نفخ الروح فيه بعد انتهاء الأشهر الأربعة، ونفخ الروح فيه في ذلك الحين مشعر بأنه مات بعد حياة. والعلم عند الله تعالى.