وقال بعض أهل العلم: إطلاق الرجاء على الخوف لغة تهامة، وقال بعض العلماء: لا يرجون لقاءنا لا يأملون، وعزاه القرطبي لابن شجرة، وقال: ومنه قول الشاعر:
أترجو أمة قتلت حسينا ... شفاعة جده يوم الحساب
أي: أتأمل أمة إلخ.
والذي لا يؤمن بالبعث لا يخاف لقاء الله؛ لأنه لا يصدق بالعذاب، ولا يأمل الخير من تلقائه؛ لأنه لا يؤمن بالثواب.
وقوله جلَّ وعلا:{لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} أي: أضمروا التكبر عن الحق في قلوبهم، واعتقدوه عنادًا وكفرًا. ويوضح هذا المعنى قوله تعالى:{إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} وقوله تعالى: {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (٢١)} أي: تجاوزوا الحد في الظلم والطغيان، يقال: عتا علينا فلان، أي: تجاوز الحد في ظلمنا، ووصفه تعالى عتوهم المذكور بالكبر يدل على أنه بالغ في إفراطه، وأنهم بلغوا غاية الاستكبار، وأقصى العتو. وهذه الآية الكريمة تدل على أن تكذيب الرسل بعد دلالة المعجزات، ووضوح الحق وعنادهم والتعنت عليهم بطلب إنزال الملائكة، أو رؤية الله، استكبارٌ عن الحق عظيم وعتو كبير يستحق صاحبه النكال، والتقريع، ولذا شدد الله النكير على من تعنت ذلك التعنت واستكبر عن قبول الحق، كما في قوله تعالى:{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} وقوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ}