للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: ما ثبت في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إني لأعرف حجرًا كان يسلم علي في مكة" وأمثال هذا كثيرة، فكل ذلك المذكور في الكتاب والسنَّة إنما يكون بإدراك يعلمه الله، ونحن لا نعلمه. كما قال تعالى: {لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} ولو كان المراد بتسبيح الجمادات دلالتها على خالقها لكنا نفقهه، كما هو معلوم، وقد دلت عليه آيات كثيرة.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (٧٢)} الظاهر أن المراد بالإنسان آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وأن الضمير في قوله: {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} راجع للفظ الإِنسان مجردًا عن إرادة المذكور منه الذي هو آدم.

والمعنى: (إنه) أي: الإِنسان الذي لا يحفظ الأمانة كان ظلومًا جهولًا، أي: كثير الظلم والجهل، والدليل على هذا أمران:

أحدهما: قريبة قرآنية دالة على انقسام الإِنسان في حمل الأمانة المذكورة إلى معذب ومرحوم في قوله تعالى بعده متصلًا به: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٣)} فدل هذا على أن الظلوم الجهول من الإِنسان، هو المعذب والعياذ باللَّه، وهم المنافقون، والمنافقات، والمشركون، والمشركات، دون المؤمنين والمؤمنات. واللام في قوله: ليعذب؛ لام التعليه، وهي متعلقة بقوله: وحملها الإِنسان.

الأمر الثاني: أن الأسلوب المذكور الذي هو رجوع الضمير إلى مجود اللفظ دون اعتبار المعنى التفصيلي معروف في اللغة التي نزل بها القرآن، وقد جاء فعلًا في آية من كتاب الله، وهي قوله تعالى: