أَحْلَامٍ} إلخ، إضراب انتقالي لا إبطالي؛ لأنهم قالوا ذلك كله، وقال بعض العلماء: كل هذه الأقوال المختلفة التي حكاها الله عنهم صدرت من طائفة متفقة لا يثبتون على قول، بل تارة يقولون: هو ساحر، وتارة شاعر، وهكذا؛ لأن المبطل لا يثبت على قول واحد. وقال بعض أهل العلم: كل واحد من تلك الأقوال قالته طائفة، كما قدمنا الإشارة إلى هذا في سورة "الحجر" في الكلام على قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١)}. وقد رد الله عليهم هذه الدعاوى الباطلة في آيات من كتابه، كرده دعواهم أنه شاعر أو كاهن في قوله تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعْضَ الْأَقَاويلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧)}، وقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧٠)}، وقوله في رد دعواهم أنه افتراء: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَينَ يَدَيهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالمِينَ (٣٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨)}، وقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣)}، وقوله تعالى: {مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَينَ يَدَيهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)} إلى غير ذلك من الآيات، وكقوله في رد دعواهم أنه كاهن أو مجنون: {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (٢٩)}، وقوله تعالى: {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢)}، وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا