الآخر أن يحضر معهم، ولا أن يعينهم على باطلهم. هذا مذهب مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أئمة المسلمين وبالله التوفيق. انتهى منه للفظه.
قال مقيده -عفا الله عنه وغفر له-: قد قدمنا في سورة "مريم" ما يدل على أن بعض الصوفية على الحق؛ ولا شك أن منهم ما هو على الطريق المستقيم من العمل بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وبذلك عالجوا أمراض قلوبهم وحرسوها، وراقبوها وعرفوا أحوالها، وتكلموا على أحوال القلوب كلامًا مفصلًا كما هو معلوم، كعبد الرحمن بن عطية، أو ابن أحمد بن عطية، أو ابن عسكر أعني أبا سليمان الداراني، وكعون بن عبد الله الذي كان يقال له: حكيم الأمة، وأضرابهما، وكسهل بن عبد الله التستري، وأبي طالب المكي، وأبي عثمان النيسابوري، ويحيى بن معاذ الرازي، والجنيد بن محمد، ومن سار على منوالهم، لأنهم عالجوا أمراض أنفسهم بكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ولا يحيدون عن العمل بالكتاب والسنة ظاهرًا وباطنًا، ولم تظهر منهم أشياء تخالف الشرع. فالحكم بالضلال على جميع الصوفية لا ينبغي ولا يصح على إطلاقه، والميزان الفارق بين الحق والباطل في ذلك هو كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. فمن كان منهم متبعًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأفعاله، وهديه وسمته، كمن ذكرنا وأمثالهم، فإنهم من جملة العلماء العاملين، ولا يجوز الحكم عليهم بالضلال، وأما من كان على خلاف ذلك فهو الضال.
نعم، صار المعروف في الآونة الأخيرة، وأزمنة كثيرة قبلها بالاستقراء، أن عامة الذين يدعون التصوف في أقطار الدنيا إلا من شاء الله منهم دجاجلة يتظاهرون بالدين ليضلوا العوام الجهلة وضعاف