والذي يجب اعتماده بالدليل في الأقسام الثلاثة المذكورة: أن المنذور إن كان طاعة للَّه، وجب الإِيفاء به، سواء كان في ندب كالذي ينذر صدقة بدراهم على الفقراء، أو ينذر ذبح هدي تطوعًا أو صوم أيام تطوعًا، ونحو ذلك، فإن هذا ونحوه يجب بالنذر، ويلزم الوفاء به. وكذلك الواجب إن تعلق النذر بوصف، كالذي ينذر أن يؤدي الصلاة في أول وقتها، فإنه يجب عليه الإِيفاء بذلك.
أما لو نذر الواجب كالصلوات الخمس، وصوم رمضان، فلا أثر لنذره، لأن إيجاب الله لذلك أعظم من إيجابه بالنذر.
وإن كان المنذور معصية للَّه، فلا يجوز الوفاء به، وإن كان جائزًا لا نهي فيه ولا أمر، فلا يلزم الوفاء به.
أما الدليل على وجوب الإِيفاء في نذر الطاعة وعلى منعه في نذر المعصية فهو: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه ذلك.
قال البخاري رحمه الله في صحيحه: حدثنا أبو نعيم، حدثنا مالك، عن طلحة بن عبد الملك، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه". اهـ. وهو ظاهر في وجوب الإِيفاء بنذر الطاعة، ومنع الإِيفاء بنذر المعصية.
وقال البخاري أيضًا: حدثنا أبو عاصم، عن مالك، عن طلحة بن عبد الملك، إلى آخر الإِسناد والمتن المذكورين آنفًا.
وإذا علمت أن هذا الحديث الصحيح، قد دل على لزوم الإِيفاء بنذر الطاعة، ومنعه في نذر المعصية.
فاعلم أن الدليل على عدم الإِيفاء بنذر الأمر الجائز: هو أنه ثبت أيضًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.