للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعلمِ عِرْفانٍ وظنِّ تُهَمَهْ ... تَعْدِيَةٌ لواحدٍ مُلْتَزَمَهْ

وعلى هذا فالمفعول هنا قوله: {حِينَ} أي لو يعرفون حين وقوع العذاب بهم وما فيه من الفظائع لَمَا استخفوا به واستعجلوه. وعلى هذا فـ"الحين" مفعول به لا مفعول فيه؛ لأن العلم الذي هو بمعنى المعرفة واقع على نفس الحين المذكور. وقال بعض أهل العلم: فِعْل العلم في هذه الآية منزَّل منزلة اللازم، فليس واقعًا على مفعول، وعليه فالمعنى: لو كان لهم علم ولم يكونوا جاهلين لما كانوا مستعجلين. وعلى هذا فالآية كقوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} والمعنى: لا يستوي من عنده علم ومن لا علم عنده. وقد تقرر في فن المعاني: أنه إذا كان الغرض إثبات الفعل لفاعله في الكلام المثبت، أو نفيه عنه في الكلام المنفي، مع قطع النظر عن اعتبار تعلق الفعل بمن وقع عليه، فإنه يجري مجرى اللازم، كقوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}؛ لأنه يراد منه أن من ثبتت له صفة العلم لا يستوي هو ومن انتفت عنه، ولم يعتبر هنا وقوع العلم على معلومات من اتصف بذلك العلم. وعلى هذا القول فقوله: {حِينَ لَا يَكُفُّونَ} منصوب بمضمر؛ أي حين لا يكفون عن وجوههم النار يعلمون أنهم كانوا على الباطل. والأول هو الأظهر. واستظهر أبو حيان أن مفعول {يَعْلَمُ} محذوف، وأنه هو العامل في الظرف الذي هو {حِينَ}، والتقدير: لو يعلم الذين كفروا مجيء الموعود الذي استعجلوه حين لا يكفون لما كفروا واستعجلوا واستهزءوا.

واعلم أنه لا إشكال في قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}