ويؤيده قوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} فقوله: {أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} في معرض الامتنان -يدل على أنه ما خلق لهم أزواجًا من غير أنفسهم.
ويؤيد ذلك ما تقرر في الأصول من "أن النكرة في سياق الامتنان تعم" فقوله: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} جمع منكر في سياق الامتنان فهو يعم، وإذا عم دل ذلك على حصر الأزواج لنا فيما هو من أنفسنا، أي: من نوعنا وشكلنا، مع أن قومًا من أهل الأصول زعموا "أن الجموع المنكرة في سياق الإثبات من صيغ العموم" والتحقيق أنها في سياق الإثبات لا تعم، وعليه درج في مراقي السعود حيث قال في تعداده للمسائل التي عدم العموم فيها أصح:
منه منكر الجموع عرفًا ... وكان والذي عليه انعطفا
أما في سياق الامتنان فالنكرة تعم. وقد تقرر في الأصول "أن النكرة في سياق الامتنان تعم" كقوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} أي: فكل ماء نازل من السماء طهور، وكذلك النكرة في سياق النفي أو الشرط أو النهي؛ كقوله:{مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} وقوله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الآية، وقوله:{ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا} الآية. ويستأنس لهذا بقوله: {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (١٦٦)} فإنه يدل في الجملة على أن تركهم ما خلق الله لهم من أزواجهم، وتعديه إلى غيره يستوجب الملام، وإن